جنى سعيد سالم/رام الله
حابين تعرفو شو قصدي!... يمكن بعضكم لن يصدق، هل تتذكرون هذه الصورة، نشرت مؤخرا في كثير من المواقع لتستخدم للسخرية على مقولات كوميدية لا تراعي فحوى الصورة.
قد لا نراعي مشاعر البعض، ونؤذي مشاعر الكل الفلسطيني إزاء هذه الصورة، البعض من رواد مواقع التواصل الاجتماعي استغلها لمحتوى ساخر مثلا "إذا أفطرت انا وأخي ودخلت علينا امي!" لنتكلم بصورة أعمق حول هذه المشكلة ونفهم أكثر الموضوع.
كعادتي كنت أتصفح فيس بوك وأرى الكثير من المنشورات المضحكة، ولكن استوقفتني هذه الصورة، في البداية ضحكت على المنشور ولكن أمعنت النظر وتذكرت مشهدا كنت قد رأيته سابقا في فيديو حول هذه الصورة، وبحثت أكثر لأكتشف أنها صورة لأب وابنه استهدفتهم قوات الاحتلال بوحشية، أب يحمي ولده من رصاص مغتصب للأرض والهوية، بحثت أكثر لأصل لاسم محمد الدرة، هل تعلمون من هو محمد الدرة؟
في البداية لم أتوقع كم الاستهتار لمشاعر الناس، ولم أعتقد أن هنالك من تساعده نفسه لنشر صورة لشهيد وحادثة قهرت الشعب الفلسطيني آنذاك.
ولكن تتبعت المعلومات وعلمت أن هذه الصورة تحمل معاني كثيرة من المعاناة والظلم والقهر بسبب الاحتلال ونبذ الحريات، يبكي في حضن والده ورصاص يخترق جسده محمد الطفل الذي كان يختبئ خلف والده حينما استهدفتهم قوات الاحتلال حيث كان محمد ووالده جمال يسيرون في الطريق خلال انتفاضة الأقصى في عام ال2000 وتفاجئوا بما حدث ليختبئوا خلف برميل ولكن اخترقت الرصاصات الأب لتصيب الابن وتوقعه شهيدا، ليصرخ قبل ذلك "صابوني" "أنا بخير يابا ما تخاف منهم" محمد انتقل طيرا للجنة وهز مشاعر الأحرار وقتها، أتعتقدون بأن ذلك مضحك؟!
تعلمنا يوما بأن نبحث قبل أن نشارك المعلومة، وتعلمنا أن نفهم الحقائق بمصادرها المختلفة، وأن نستخدم ذلك في نشر الخير وتحقيق العدالة الإنسانية ونبذ الشائعات والكراهية، قد يستوقفنا مشهد مضحك أو صورة مرفق لها نصا فكاهيا، ولكن لنتأكد قبل ذلك، قد نشارك في نشر الكراهية أو جرح مشاعر بعض الناس دون قصد، الحكاية الوطنية برموزها يجب أن تحترم، والأهم نقل هذه المعلومات للجيل الحالي من أبناء شعبنا كي نعي أهميتهم وأهمية التضحية من أجل القضية، لا لنستخدم هذه الوقائع لنشر السخرية وكسب المشاهدات والاعجابات على منصات رقمية لا تراعي ذلك.
هل علمت ماذا قصدت بعنوان هذا المقال، "للأسف فلسطيني"، فمن ساهم في نشر هذه الدعابة التي أهانت تضحية عظيمة هو فلسطيني، وللأسف فلسطيني لأننا أصبحنا نسخر من الألم الذي نعيشه، همنا الشهرة لا غيرها.