غدير منصور/ رام الله
ذكي، فصيح وناجح، لكنه لا يجيد التعبير عن مشاعره، بارد عاطفيا مع الجميع، وجدي إلى درجة الملل، هو تماما كالطعام بلا ملح. فإذا صادفت هكذا إنسانا، أنصحك أن تتمهل قليلا قبل أن تصفه بأنه قاس، متبلد، وبلا مشاعر؛ لأنه وبحسب الأطباء النفسيين ربما يعاني من مرض يدعى "ألكسي ثايميا- Alexithyme"؛ أي العجز عن التعبير عن النفـس.
يشعرون...ولكن !
يصف الدكتور بيتر سيفنيوس؛ العالم النفسي بجامعة هارفارد، من يعانون من هذا المرض بقوله: "يعطون انطباعا بأنهم مخلوقات مختلفة غريبة قادمة من عالم آخر يختلف تماما عن عالمنا الذي تهيمن على مجتمعاته المشاعر"؛ لأنهم عاجزون عن استحضار كلمات تعبر عن مشاعرهم؛ فيبدون وكأنهم بلا مشاعر على الإطـلاق، ونادرا ما يبكي مريض "Alexithyme". لكنه إذا بكى تنهمر دموعه بغزارة. وإذا سألته عن سبب بكائه يشعر بالارتباك، أو يجيب بكلمات مختصرة لاتشف عما يشعر به، وأحيانا لايعرف لماذا يبكي؛ لأنه غير قادر على إدراك مشاعره على وجه التحديد.
وبمعنى آخر، تنقصه المهارة الأساس للذكاء العاطفي؛ أي الوعي بالذات، وهو معرفة مشاعرنا عندما تزعجنا انفعالاتنا الداخلية. وبالتالي فإن حالة المرضى به تتناقض مع الفطرة السليمة والتفكير الصائب الذي يبين لنا تماما حقيقة مشاعرنا.
أعراض المرض
ومن الأعراض التي تبدو على هؤلاء المرضى العجز عن التعبير، وصعوبة وصف مشاعرهم، أو مشاعر أي إنسان آخر، ويفتقرون بشكل كبير للمصطلحات العاطفية، وهم يعانون من مشكلة التمييز بين الانفعالات المختلفة؛ كالعاطفة والحس الجسدي، فقد يذكرون أنهم يعانون من اضطرابات في المعدة، وتصبب العرق، والدوار، وتسارع ضربات القلب، لكنهم في ذات الوقت لايعرفون أنهم يعانون من القلق، وغالبا يقود هذا التشوش الأساس الخاص بالمشاعر إلى الشكوى من مشاكل صحية غامضة بعد تعرضهم لتجربة عاطفية مؤلمة، في ظاهرة تعرف في علم النفس بالسوماتية"Somaticizing"؛ أي الخلط بين الألم الانفعالي والألم الجسدي.
تشخيص
ولا يستطيع أحد حتى الآن أن يعرف بصورة مؤكدة مسبب حالة الأليكسي ثايميا؛ "العجز عن التعبير عن المشاعر"، بينما يتوقع دكتورسيفنيوس، أن المرض ربما عائد لانفصال الجهاز الحوفي للمخ؛ الذي يتحكم فينا حين تسيطر علينا الانفعالات، عن القشرة الجـديـدة؛ التي تجعل مخ الإنسان معقدا وقادرا على الفهم والاستيعاب.
