نغم كراجه/غزة
إحدى عشر يوماً دامية على مدينة الصمود غزة أخلفت قصصاً تغزوها أحداث ومشاهد قاسية إثر همجية الاحتلال وتعديه على المدنيين باستخدام الأسلحة المحرمة دولياً، وكان أبرز بنك أهدافهم هو الأطفال و لم تقف هذه الجرائم على قتل الأطفال و استباحة دمائهم بل أعدمت معالم الحياة في عيون الأطفال الناجيين الوحيدين من مجازر عوائلهم .
أطفال بلا أمهاتهم
أحمد اليازجي ثلاث أعوام، لم يرى النور في عين أمه حينما شهقت أخر نفسٍ لها ؛ لتمنحه أول نفسٍ للحياة و غادرت روحها دون أن تحتضن من خاضت من أجله الموت جراء خطأ طبي، ويُدون ميلاده في السجل المدني بيوم وفاتها.
لم يقبل الطفل أحمد آنذاك بإمرأة بعد أمه سوى عمته ديانا ومكث معها؛ لتحول بحنانها البقعة الجافة إلى عشب ندي عوضاً عن أمه لكن المشهد عاد مرة أخرى عندما قصف الاحتلال منزل أبو العوف الذي يقطن به مع عمته و شاء القدر أن يخرج حياً من تحت الأنقاض والغبار والخدوش تملآن جسده وبقيت عمته بالعناية المركزة إلى أن فارقت الحياة خلال رحلة علاجها.
من ويلةٍ إلى ويلةٍ يا أحمد !، على يقين ستصبح في المستقبل رجلاً ناضجاً منذ صغره سنك بعد كل ما رأيته منذ ولادتك !
الطفل الحديدي
لم يعرف عمر الحديدي ذات الشهور من العمر، نكهة الحياة بعد ليصبح وحيداً بلا أم وأخوة في غمضة عين، فالاحتلال قصف منزلهم فوق رؤوسهم، وكان الناجي الوحيد من أسرته من بين الركام والجروح تملأ جسده.
غادرت أمه قبل أن ينطق كلمة " ماما " وتصفق له ابتهاجاً ببراءته، ستكبر يوماً بعد يوم وتدرك مرارة ما فقدت، ستبحث عن عائلتك كلما قست عليك الأيام وتندب الحظ حينما لا تجد حنان و خوف أمك.
شاهد على استشهاد عائلته
عزيز الكولك 10 أعوام وسط دفء أسرته، رأى مشهد استشهاد عائلته بعينه عندما قذف الاحتلال صواريخ على منزلهم، كان يقف في المنتصف مختبئاً في صف أسرته، وهم يستنجدون وسمع أمه وهي تنطق الشهادة وتضم اخوته في أحضانها لكنهم جميعاً فارقوه، ونجى هو من الموت عقب ساعات طويلة تحت الأنقاض بأعجوبة بل من الحياة، التقطت له صورة و هو جالس بجانب جثمان أمه والصمت كاد أن يقتله وعيناه تنزف دماً ،لقد كبر عزيز عشرون عاماً في هذا المشهد، من سيسانده عندما تضيق به الحياة!، دُفِنت كل أحلامه مع جثامين عائلته و فقد نكهات محطات نجاحه في المستقبل الذي كان يحلم به، سيشعر بالغربة و هو في بلده !
الأطفال هم ضحايا الحرب بدون ارتكاب أي ذنب تُستنزف دمائهم وتُطمس معالم طفولتهم كانت كل جريمتهم أنهم فلسطينيون، و على هذه الأرض كُتب علينا الموت أو المعاناة لا نعرف الاستسلام و يبقى شعارنا دائماً " نحن أسياد و ليس عبيد و يولد منا كل يوم شهيد ".
مصدر الصورة: الإنترنت