نغم كراجة/غزة
"أمي لم تفِ بوعدها، أخبرتني بأننا سنذهب سويا إلى الجنة، أخذت اخوتي ولم تأخذني معها، بقيت أنا وبابا"، تقول الصغيرة سوزي، 6 أعوام، التي فقدت والدتها وأخوتها في الحرب الأخيرة على قطاع غزة.
لم تفلح محاولات الأم لحماية عائلته من القصف، والتي أبقت أفراد أسرتها في غرفة واحدة لحمايتهم، ولكن طائرات الاحتلال الغادرة، رمت ثقلها على المنزل دون سابق إنذار، لتخرج سوزي ووالدها بقدرة الله أحياء من تحت الأنقاض بعد 7 ساعات.
"شعرت بحاجة للذهاب إلى الحمام، طلبت أمي من أبي مرافقتي، وأخبرتني أن لا شيء سيحدث في غضون دقيقتين، وأن أذهب وأنا مطمئنة" تتابع سوزي حديثها، موضحة أنها بمجرد أن ابتعدت هي ووالدها قليلا عن الغرفة، قصف المنزل على الفور، لتنجو هي ووالدها فحسب.
وتقول الشاهدة الصغيرة سوزي، أنها ووالدها خلال دقيقة واحدة فقدوا أسرتهم، وأخر ما سمعته كان صوت اهتزازات المنزل وسقوط الصواريخ، وصوت والدتها المرتجف التي لم يسعفها الوقت لأن تكمل اسمها، دقيقة واحدة، وأصبح كل شيء عبارة عن ركام يجثو فوق صدورهم.
"السقف وحيطان المنزل أصبحت فوقي أنا ووالدي، هذا ما أذكره، حجر كبير جدا على بطني، لم أقوَ على التنفس، لم أدرِ هل أنا حية أم لا؟ هل أخي زين بخير أو أنه رحل، كنت أفكر بعيديته التي جمعها ليشتري بها دراجة يلعب بها، الصواريخ حرمته اللعب"، تضيف سوزي.
تتنهد سوزي بقوة وكأنها تحمل جبالا، وتستذكر المشهد مجددا، عم الهدوء بعد لحظات، جسدها أصبح باردا، ولا صوت يصدر من أفراد أسرتها، وفقدت قدرتها على التنفس، استمرت على حالها إلى أن وصلت إلى مسامعها أصوات صرخات الناس، وصفارات الإسعاف، جاء المسعفون وأنقذوها من تحت الركام، ولم تنفك تسأل "أين أهلي، أين أسرتي؟"، تصف سوزي المشهد.
نجاة سوزي تحولت إلى كابوس يلاحقها، وبينت أنها بمجرد أن وجدت والدها بجانبها لحظات علاجها اطمأنت ولكن سرعان ما تحولت الطمأنينة إلى دموع وذعر فور معرفتها عن رحيل والدتها وإخوتها، بكت وأبكت والدها، وقالت "لن أذهب للحمام وأتركك، لنبقى سويا دائما".
لن تفرح سوزي بالمناسبات السعيدة دون حضور والدتها وإخوتها، ومهما تقدم بها العمر، ستبقى صورة الدمار والركام وجثث أسرتها عالقة في ذاكرتها، وشاخصة أمام عيونها الجميلة.
مصدر الصورة: الإنترنت