النظام السياسي الفلسطيني والانتخابات القادمة

2021-03-03 09:32:41

إسراء صلاح/غزة

حينما كنت في سيارة الأجرة أعلن المذيع عن موعد نشر الأخبار الصباحية، وذكر من بين أحد عناوين النشرة  أن هناك نية لترشح الدكتور مروان البرغوثي في الانتخابات القادمة، وعلى إثر هذا الخبر، استضاف المذيع بمقابلة عبر الهاتف أحد المتحدثين في السياسة، ليتحدث عن الخبر بشكل مفصل، لكن المتحدث كان عاطفيًا جدًا.

 وبعد المدح الشديد لبطولات مروان البرغوثي ولشخصيته، وجه له المذيع سؤال: " كيف سيرشح مروان نفسه للرئاسة؟ وفي حال فوزه في الانتخابات كيف سيدير شؤون الوطن وهو في السجن؟

فأجاب المتحدث: " تعتبر هذه وسيلة ضغط سياسية على المحتل ليخرج مروان من السجن؛  في حال نجاحه في الحصول على أعلى الأصوات الانتخابية". مضيفا أن الأحزاب ستدعمه فهو عنوان الوحدة، والرجل الوحيد الذي لا يزال يتمسك بالثوابت الوطنية والفلسطينية"، ثم عاود المذيع تكرار السؤال: "كيف سيدير شؤون الدولة عمليًا بعيدًا عن الكلام العاطفي؟".

فأجاب المتحدث: ما المشكلة!! سيقوم بتعيين رئيس لمجلس وزراء ينوب عنه لينفذ القرارات وتعيين الوزراء.

وتابع المذيع بسؤاله: "كيف سيصدر القرارات في حال منع الاحتلال تواصله مع الخارج"؟

لم أتمكن من سماع إجابته لأنني وصلت إلى المكان الذي أريده، وبدأت أفكر في سؤال المذيع وأبعاد الإجابة، هل حقًا يحتاج النظام السياسي الفلسطيني إلى تصدير الرئاسة في شخصية تحمل القضية الفلسطينية وثوابتها الوطنية، وهل يتناسب ذلك مع شكل النظام السياسي؟!

إن النظام السياسي الفلسطيني بحاجة إلى تحديد شكله بوضوح قبل الانتخابات، فهو إما رئاسي أو برلماني، ففي حال كان رئاسي، يكون من الصعب الحديث عن قدرة الدكتور مروان البرغوثي على إدارة شؤون البلاد، فلا يمكن الوثوق بالاحتلال، فهو قادر على تعطيل دور الرئيس في هذه الحالة، لكن في حال اتجه النظام للبرلماني الذي يصبح فيه الرئيس صوريًا والمجلس التشريعي هو المؤسسة التمثيلية وصاحبة القرار، يكون بالإمكان الحديث عن رئاسة مروان البرغوثي، لكن المشكلة ليست في من يرأس الدولة، المشكلة في شكل النظام السياسي الفلسطيني.

إن كل الأنظمة في العالم تتشكل من طبيعة المجتمع، حيث أن البيئة الاجتماعية تُشكل البيئة السياسية، حتى أن طبيعة العلاقات مع الدول تتكون بطبيعة العلاقات الاجتماعية، ولعل السبب في شكل النظام الفلسطيني المختلط يعود إلى فترة الستينات التي أنشئت فيها منظمة التحرير الفلسطينية، والتي تمتعت بقاعدة جماهيرية واسعة آن ذاك، وإلى فترة الثمانينات حيث كان الرئيس ياسر عرفات يتمتع بتأييد شعبي كبير، وهذا الأمر ولّد حالة من التنافس على الصلاحيات بين السلطتين، و تجسدت حالة من الصراع في شكل النظام بعد إنشاء السلطة الفلسطينية.

قرأت دراسة بعنوان تحولات  الحقل السياسي الفلسطيني بعد أوسلو للأستاذ جميل هلال، تتضمن نصا يشرح حالة الصراع بين المجلس التشريعي والسلطة التنفيذية " تسود حالة صراع بين المجلس التشريعي ورئاسة السلطة الفلسطينية رغم أن أغلبية أعضاء المجلس هم من حركة فتح، وهذا لا يکمن في أن المجلس يطرح تصورًا لسياسة اجتماعية أو اقتصادية تتعارض مع سياسة السلطة التنفيذية أو رئيس السلطة الفلسطينية فلا تكوينه السياسي أو الاجتماعي، ولا قيود اتفاق أوسلو تؤهله لذلك، لكن السبب يكمن في كون المجلس هو المؤسسة الوطنية التمثيلية الوحيدة التي تتمتع بشرعية ديمقراطية والتي تعمل بآلية منتظمة (بمعنى أنها تعقد اجتماعات منتظمة وتتخذ قرارات وتدعو للمحاسبة والمساءلة) في حقل غابت عنه المؤسسات الوطنية الجامعة لمنظمة التحرير. أي أنها مؤسسة أخذت تمارس دورها وفق مبدأ فصل السلطات وحكم القانون ومبدأ المساءلة السلطة التنفيذية والرقابة عليها. بتعبير آخر يسعی المجلس التشريعي بشكل موضوعي، لأخذ دور في الحقل السياسي الفلسطيني يقيد نظامًا يقوم على حكم الفرد ويمكن رؤية الصراع بين المجلس التشريعي ورئاسة السلطة الوطنية كصراع على شكل النظام السياسي الفلسطيني".

وبشكل آخر يعتبر عدم وضوح شكل النظام السياسي الفلسطيني سببًا رئيسيًا في حالة الانقسام الفلسطيني، فالاختلاط أدى إلى تداخل في الصلاحيات وتعطيل الأداء الرقابي للمجلس التشريعي، الأمر الذي فاقم الصراع وزاد حدة الانقسام، وسمح بتفرد كل سلطة بإصدار القرارات بمعزل عن الأخرى، هذا يقود إلى ضرورة تحديد شكل النظام وتعديل القوانين بما يضمن الفصل بين السلطات قبل الذهاب للانتخابات.

مصدر الصورة: الإنترنت

اخترنا لكم
عماد ابو الفتوح عندما عرفت أن الرواية القا...
سلمى أمين هل تمنّيت يومًا أن تتحدّث أكثر م...
 هند الجندي ينظر معظم الناس للأذكياء...
لينا العطّار/  اخترنا لكم من اراجيك...
بقلم: تركي المالكي الحياة مليئة بالجمال وا...
اخترنا لكم هدى قضاض- اراجيك  يعد ا...
منوعات
نغم كراجه/غزة يواجه الشباب صعوبة في إيجاد...
رغد السقا/غزة يمر ذوي الإعاقة بظروف نفسية...
سها سكر/غزة "لا تحسَبِ المجدَ تمرًا أ...
نغم كراجة/غزة "أمي لم تفِ بوعدها، أخب...
إسراء صلاح/غزة هنا غزة المدينة المنكوب...
عرين سنقرط/القدس ربما قطار الفرح في مدينتي...