كتب يوسف غازي
مسجد الجزار/عكا
على مشارف المدينة، ظل السائق يكرر الكلمات الثلاث في سماعة هاتفه مرات ومرات دون جدوى!
استلقينا في جامع الجزار... يمكننا الآن إعادة ترتيب الأحداث من جديد:
الساعة 11:06 صعدت بنا السيارة شمالاً من " تل أبيب" نحو عكا، كانت اللافتات تتساقط لافتة تلو أخرى طوال الطريق على جانبي الشارع رقم 4: "نتانيا" الخضيرة قيساريا، "أور عكيفا" و " زخرون يعقوب"، غير أن اللافتات لا تحكي الحكايات!
على يسارنا القريب كانت جسر الزرقا القرية الساحلية الوحيدة التي أفلتت من يد التطهير العرقي، وعلى يميننا البعيد كانت عين حوض التي صارت قرية الفنانين اليهود، ثم جاءت حيفا في كامل رونقها كما كانت وستظل!
كما الشريط السينمائي عرضت حيفا أمام عيوننا، قبة الأحمديين البيضاء ووادي السياح ثم... "بات غاليم"! هنا ربط الصمت لسان "سعيد.س" يوم عاد مع زوجه صفية إلى حيفا وربما قصد بات غاليم وأترابها يوم قال لصفية " إنك لا ترينها ولكنهم يرونها لك"، ثم جاء حي المحطة والألمانية في حضن الحدائق البهية ووادي النسناس، والمحكمة الزجاجية تخفي وراءها وادي الصليب، وأخيراً جامع الاستقلال، الذي كان الناس يأتوه أفواجاً ليسمعوا خطب الشيخ القسام.
ثم حضرت عكا!
وبدأ يوم جديد في موسم العودة إلى شمال البلاد، نخلع نظارات مزيفة تحجب عيون " شلومو" عن عيوننا، ونبصر عكا ونحن نعرف أن فينا ما شداه محمد عبده يوماً:
كيف نخفي حبنا والشوق فاضح؟
وفي ملامحنا من اللهفة ملامح!
صور لجامع الجزار في عكا، تصوير: يوسف غازي