متباعدان متشاركان: قف يا زمن!

2019-07-24 08:51:22

دينيس حسنين/غزة - علاء ريماوي/رام الله

توقف يا زمن، لا تمض... قف ساكنا للحظة، عد للماضي الكثير، والتصق بتلك الأوقات التي كنا نرى أنفسنا فيها أنقياء، أعدنا لله، للبسمة، للراحة، لوجه والدي، ولحكايات عمتي، أعدنا لاجتماع على مائدة متواضعة أجملها ثمرات زيتون وبعض الفجل...قف وعد للوراء قليلا.

أتدرك مثلي أن هناك لحظات لا تعود فيها الحياة كما كانت، أعلم أنك تعي تماما عن أي لحظات أتحدث. هي؛ "لحظات الفراق"؛ نؤمن بكل جوارحنا أن قدر الله نافذ، إيماننا فقط الذي أسعفنا على المضي قدما في الحياة. لكننا فقدنا بعضا منا هناك لحظة فراق من نحب، أصبحنا نحيا بذاكرة لا ترحم، أحيانا نحبها لأنها تعيد لنا وجوه ومواقف أحبائنا وأحيانا من فرط الألم نتمنى أن نفقدها للأبد.

كنت أرغب أن يحمل هذا النص عودة لذكريات تتشابه كثيرا بيننا نحن كاتبي النص في شقي الوطن، وأردت الاستهلال باللحظات الجميلة والجلسات العائلية وحكايات الطفولة لنسلسل الماضي الجميل، غير أن تشابه الحزن أقوى من تشابه الفرح، ومشاركته أصعب على الروح، بل إننا نكاد نفر هربا من الكلمات بعد كتابتها خشية نظرات الشفقة والمواساة من أعين الآخرين التي لا تواسينا مهما تعالت، نحاول الانعزال منكمشين على أحزاننا، مبتعدين عن الضجة لننفرد بمشاعرنا ونغلق عليها بأقفال عزتنا لنعود للعالم بابتسامة عريضة ملؤها المحبة .

أتُراك تختلف عني بتوصيف الحالة التي أتحدث عنها يا شريك النص؟
أتراني وحدي توهمت بأن المتوفى الأقرب إلى قلبي سيلتفت إلي بعد أن غادر الجميع ويمسك بيدي ونمضي سويا، نتبادل أطراف الحديث والضحكات!
ألم تتوسل إلى الله مثلي مئات المرات أن تكون عشت في كابوس سينتهى عما قريب!
ألم تستغفر الله خوفا من فقد إيمانك! ألم تحتويك رحمة الله وكلماته كمسكنات لمقدار الألم الذي اعتراك في الداخل! كم مرة سلمت على الناس دون أن تدرك الوجوه، لا ترى حولك سوى وجه فقيدك في قسمات وجوههم...
هل حدثت التراب الذي احتضنه واعتقدت بأن حالة من الجنون انتابتك؟

الإجابات عندي ولا أحتاجها؛ أشعر بأن الماضي فعل بك ما فعله معي وأكثر، أترك لك المساحة الباقية...

دورنا هو سرد الحكاية تلو الحكاية، ومهما سردنا سيبقى الماضي متربعا في خلجات قلوبنا، يطرق باب الحزن يوما بعد الآخر، وقد يفقد السيطرة فيطرقه ثانية بعد الأخرى، لا ينتظر الضحكة تأخذ مجدها من أحداث يومنا، ولا ينتظر الراحة حتى تستكين في أجسادنا، لا ينتظر العلاقات حتى تتوطد الأرواح مع بعضها، يحاصرنا بطرقاته المتتابعة غير مستأذن الدخول إلى قلوبنا الهشة المرهقة، لينذرنا بأنه موجود في الداخل دائما، ليذكرنا بما مضى وما هو آت، شريكتي في النص لك أكتب ولكل من يعايش هذه المشاعر معنا.

لسنا كما يعتقد الآخرون عنا، نحن لا نعيش الحزن لأننا لا نقوى على مقاومته، لسنا من نهرع دوما له لنقضي على اللحظات الجميلة، بل اعلموا أن المشاعر أقوى من كل موقف، لحظات الفرح مع العائلة والأصدقاء ومع حبيب أو حبيبة، لحظات السعادة في بسمة طفل ولفظه المتعثر، لحظات تجمع أم بولدها، أولئك الذين يحتضنون أبنائهم أمامي، هي مشاهد فعلا تضفي السعادة على أنفسنا لكن المشاعر تعيدنا لفكرة الفقدان دوما، ماذا لو حدث هذا وذاك، كيف لو خسر ذلك الطفل أحد والديه ما شعوره وكيف سيكون مستقبله، كيف لنا أن نفكر بالحياة بعد غياب صديق، أو حبيبة وحبيب، وأشمل في حديثي أي فقدان قد يحدث بسبب موقف حياتي يومي حتى لا أحصر الفكرة بالموت، مشاعرنا تقيدنا بحدود لا نقدر على تجاوزها، ولعل الحياة تمتحننا في صبرنا، وصبرنا أقوى من امتحاناتها ولو لم يكن كذلك لما أكلمنا بضحكة ومزحة وفعل مرح هنا وهناك، ورغم التناقض الذي يجول في أعماق نفوسنا، عقولنا تتشبث منشغلة بمن نحب، ولعلها تنشغل بكل من نراه عزيزا كان أم لم يكن، ليس الذنب ذنبنا أن نكمل الحياة على هذه الشاكلة هذه مشاعرنا التي تستوطن قلوبنا المرهفة ولا نقدر على مقاومتها.

شريكتي في النص حدثت التراب من قبلك، ورأيت وجوها لم أعلم تفاصيلها حتى، خيالي صنع مشاهدا بيني وبين من أفتقده بسبب موت أو فراق مرتبط بالبعد والمسافة، أحدث الله كل يوم؛ لم يحدث معي هذا، وكيف أتصرف يا إلهي؛ أنا أعترف بأنني تائه في بحر العواطف الجياشة، تائه في عبارة قالها لي والدي في يوما قبل الفراق كانت وستبقى مشعلا يضيء لي الطريق، قال فيها :"إن الحياة تعطي وتأخذ دون سابق إنذار وعليك أن تستعد لمواجهتا"؛ خذلته يا شريكتي لم أكن مستعدا حينما مضى تاركا أثره في بيتنا البسيط، تاركا ملابسه التي لن يرتديها بعد اليوم...، أهذا يكفي أم أحدثك عن كل فقدان مر بي في حياتي القصيرة التي لم أر منها الكثير بعد.

يا شريكتي في النص دعينا نترك ما كتبناه للآخرين، ونترك لهم فرصة أن يشاركوا الشعور ويخطوا بأناملهم ما يريح صدورهم بالمثل، هذا إن كانت الكلمات شافية بالفعل!

اخترنا لكم
عماد ابو الفتوح عندما عرفت أن الرواية القا...
سلمى أمين هل تمنّيت يومًا أن تتحدّث أكثر م...
 هند الجندي ينظر معظم الناس للأذكياء...
لينا العطّار/  اخترنا لكم من اراجيك...
بقلم: تركي المالكي الحياة مليئة بالجمال وا...
اخترنا لكم هدى قضاض- اراجيك  يعد ا...
منوعات
نغم كراجه/غزة يواجه الشباب صعوبة في إيجاد...
رغد السقا/غزة يمر ذوي الإعاقة بظروف نفسية...
سها سكر/غزة "لا تحسَبِ المجدَ تمرًا أ...
نغم كراجة/غزة "أمي لم تفِ بوعدها، أخب...
إسراء صلاح/غزة هنا غزة المدينة المنكوب...
عرين سنقرط/القدس ربما قطار الفرح في مدينتي...