لؤي رجب/ غزة
كل يوم يمضي عليها في ظل الحصار، تفقد جزءا من بريقها الذي تعمد الاحتلال الإسرائيلي إطفاءه ومحو معالمه، غزة الجميلة، وورودها التي كانت تصدر سنويا إلى الدول الأوروبية، أصبحت الآن بعيدة عن زراعة الزهور وجمالها الساحر، مع دخول الحصار عامه العاشر، بجروحه العميقة.
أضحت غزة "المدينة المحاصرة" التي كانت تشتهر بتصدير ملايين الورود سنويا للأسواق الأوروبية، شبه خالية من هذا المحصول، سوى بعض الزهور الصناعية، ولم تعد تعج محلات بيع الزهور بالألوان الجميلة، التي اعتاد المواطنون على رؤيتها كل عام، بعد أن توقفت زراعتها بعد توقف الدعم الهولندي، الذي كان يشجع على زراعتها، وإغلاق سلطات الاحتلال لغزة، ومنع التصدير.
وقد عرفت غزة زراعة الزهور منذ عام 1991، حيث كانت زراعتها تتركز في رفح؛ أقصى جنوب القطاع، وفي بيت لاهيا أقصى شماله. ولكن إجراءات الاحتلال التعسفية قلصت المساحات المزروعة بالزهور من 800 دونم إلى حوالي عشرة دونمات فقط خلال العام الحالي، حيث يذهب إنتاجها للسوق المحلية.
يقول محمد حجازي؛ أحد مزارعي الزهور السابقين في قطاع غزة: "كنت أزرع وحدي نحو 60 دونما بالزهور، وأنتج ستة ملايين زهرة"، ويلفت إلى أن زراعة الزهور مكلفة جدا، حيث إن زراعة الدونم الواحد تكلف من 8-10 آلاف دولار.
ويبين أن توقف زراعة الزهور بالقطاع، أدى إلى ارتفاع نسبة البطالة، حين فقد كثير من المزارعين مصدر رزقهم، قبل أن يحولوا مزارعهم المجهزة لزراعة الزهور إلى زراعة الخضار.
ويوضح محمود خليل؛ رئيس جمعية بيت لاهيا للمحاصيل التصديرية، أن زراعة الورد كمحصول للتصدير انتهى منذ سنتين، حيث لم تعد غزة تصدر أي زهرة إلى الأسواق الأوربية، بعد أن كانت أوروبا هي المستورد الأول لأزهار القطاع.
ويؤكد على أهمية استمرار هذا النوع من الزراعة في القطاع، مشيرا إلى أن الزهور كانت تعتبر سفير فلسطين في أسواق الاتحاد الأوروبي، حيث كانت تخرج من قطاع غزة مباشرة إلى البورصة الهولندية، بأوراق كتب عليها "صنع في فلسطين"، ومن ثم كانت تصدر للأسواق الأوروبية في المواسم والأعياد؛ كعيدي الحب والأم، ورأس السنة، داعيا كافة الجهات المختصة للتدخل ودعم قطاع الزهور.
وحسب تحسين السقا؛ مدير عام التسويق والمعابر في وزارة الزراعة، فإن وزارته قد أعلنت عن توقف زراعة الزهور في القطاع؛ تفاديا للخسائر الاقتصادية المتوقعة، بسبب غياب دعم الحكومة الهولندية لمزارعي الزهور، واستمرار إغلاق المعابر.
ويقول: "عانت زهور غزة من المنافسة الشديدة مع منتجات أخرى في الأسواق الأوروبية، كانت تباع بأثمان أقل؛ لأن كلفة زراعتها في الخارج أقل من كلفتها في غزة"، مما جعل المزارع غير قادر على الوقوف في وجه الأسواق العالمية والبورصة، مع نقص الإمكانات والحصار الخانق. ويذكر السقا أن صادرات قطاع غزة من محصول الزهور في عام 2000 بلغت حوالي 62 مليون زهرة، ثم تناقص العدد بعد ذلك في عام 2014، إلى مليون و8000 زهرة فقط، وفي عام 2015 كانت صفرا.